المشاركات

عرض المشاركات من 2018

أربع قصائد للشاعر الفنلندي بو كاربيلان

صورة
كُنْ الصمت كُنْ الصمت. الحراك الثابت في جلدي. كُنْ الإدراك الشاهد على الموج الذي يضرب الشاطئ وينحسر. كُنْ الحُبّ المُتأنّي كالصوت، في صوتك. ومثلما تستكنّ الريح ويعكس البحر وجه الأرض، ففي يدي وفي الطائر وفي حلمك تكمن وتشرق ظلال الأرض التي تستحوذُ عليّ. وداعات بحارٌ عظيمة وفضاءاتٌ عميقة. هكذا تبدو الوداعات حين تعود ويصيرُ العشب أبرد. الأشجار الصامتة هل سترفع يدٌ ما هذه القارات، هل ستطعن الأغنية الطائر، هل سيهجر المدّ والجزر الشواطئ، أم سيغسلها بنورٍ أبديّ؟ وأنا، أنا الذي أوجدتُ الظلّ لتلقيه روحي على الأشياء، هل سأكون موجوداً بهذه القصيدة، أم لا أحد سيقرأني؟ إنه منتصف الليل، والأشجار هنا واقفة بصمت. صباح، مساء عشبٌ بارد وساكن، صباحاً ومساءاً. هكذا هي حياتك. قُرب شارعك يمرّ اليوم الأخير، ربما يتوارى داخل أوراق الشجر أو في المدن الصامتة، حيثُ لا يُسمع صراخك.   Photo: Ulla Montan

ثلاث قصائد للشاعر الفنلندي تومّي تابيرمان

صورة
-1- إذهبْ للغابة، للجبل، لأبعد بحر. لتُداعبك العزلة، فيرقّ جلدك ومنه يراني قلبك؛ يرى أنها كانت مداعباتي. إذهبْ.. إذهبْ. -2- جربتُ اختصار قلبين في قلبٍ واحد صغير. سحبتهما دفعتهما، مثلما يُفعل بحذاء طفل في قدمِ بالغ. يتمزّق الحذاء، وتنزُّ القدم بالدم. لا شيء يصيح بحرقة كما يفعل القلبُ الصامت. -3- أيتها السعادة، اخبريني كيف سأعرفك إن اقبلتي إليّ؟ هل وراء إذنك تنام وردة؟ أفي عينيكِ محيطات ثلاث؟ أعَلى شفاهك ستّ طيور ربيعية؟ وهل تعبق بعطر الرياح ضحكتكَ؟ أيتها السعادة، ايقظيني لو غفوتُ وانفضي عنّي حزن شجرة اللوز. حين تُقبل السعادة سيكون بين ذراعيها كيساً كبيراً. هناك سينتهي حدادي، هناك سأرميه لألوذ بالشجاعة.

ربما الأمر سيّان- قصيدة للشاعرة البيروفية زويلا فورس

صورة
أيها الموصول بالحبّ، المقيّد بالكراهية أأنتَ ثابتٌ هناك، يا بحّاري، أم مبحرٌ؟ ربما الأمر سيّان. عمى مُحلّى، وصممٌ شهيّ. حياةُ موبوءةٌ تنفخ اوبئتها وموتٌ مجهولٌ يتلضّى. ربما الأمر سيّان. حبّنا المقيّد الآن سيصير حراً في قبر لا يحمل شاهداً، يحمل ذكرى. ذكرى ولدت بمحظ إرادتها أو بالقوة. ربما الأمر سيّان. أزحتُ الشاطئ عنك. بغيرتي، سرقتُ الرمل المخفيّ في قدميك. وبلا مبالاتي تركتُ جذعك عارياً للبرد. إننا حفلة موسيقية مرتبكة: سيتاراً وكمنجة، غيتاراً وكاجوناً. فرقنا الإزدراء وجمعتنا الأعذار. إننا أجندة مرتبكة يحكمنا قانون مجهول. كان دوري فيه أن أصير محيطاً غائباً وأن تصير أنتَ بحّاراً هائماً على وجهه. أنا البحر الذي يموت عشقاً في فمك الأصمّ، الذي تحتلني جنوده البيض فيلوثون صراخي ويصبغون تنهيداتي بالأبيض. ربما الأمر سيّان. أيها القاسي كبصلة، سكاكينك المتلاحقة فتّحت عيناي. وسيّجت عينيك بالأسلاك.

البرج- قصة قصيرة من فنلندا

صورة
أثناء تمشّينا يوم الأحد، وجدنا أنفسنا ،أنا ودونيا كيخوته، في متنزه يرتفع في وسطه برج من الطوب الأحمر. كان البرج يحتوي على شرفة. يتوهج طوبه بحرارة مترفة كاللتي تنبعث من الأرض في فصل الصيف. خلف البرج، ينقسم المتنزه إلى شقّين بطريق خرسانيّ واسع يسترح أسفله نفق مرور، وأبعد من ذلك تنمو شجيرات القيقب أعلى المنحدر. كانت الشجيرات تبدّل الوانها: كان لونها الأخضر قد بدأ رحلة تلاشيه الطويلة. -"تعالي نجلس في الظلّ" قالت دونيا كيخوته. "حيث بإمكاننا رؤية البركة". كانت البركة تشبه عيناً طمسها الماء الأبيض، موحلة وطافحة بالأعشاب، تصدر منها نفحة هواء لطيفة، كأنها خارجة عن كأس نبيذ معتّق. -"كان هناك قاتل في هذا المتنزه فيما مضى". قالت دونيا كيخوته. "قرأت عنه في إحدى الجرائد منذ زمن بعيد للغاية". -"من كان الضحية"؟ سألتُ وأنا ألعب بورقة من شجرة القيقب. -"فتاة" قالت. "أُغتُصبت وتم خنقها من قبَل فتى لم تكن قد التقته من قبل. ربما كنت سأنسى الخبر بسرعة لو لا أن عبارة مؤكدة عصف صداها في رأسي". سألتها عن العبارة عندما واصل

عباد الشمس- حمدام زاكيروف

صورة
إنه أغسطس مجدداً، حيث الرطوبة المعتادة والألق الباهت والبرد المتردد، هنا في الشمال. من شقوق النافذة يتسلل نور الشمس إلى الأرضية الرطبة. وفي خلفية المدينة، كما لو أن فان غوخ وضع ألوانه المفضّلة: حقول صفراء، وريقات حمراء مصفرّة متناثرة في خلفية أشجار الصنوبر مثل تيجان. ليس بالإمكان فعل شيء حيال عبادات الشمس، إنها تنمو حتى أطوال متواضعة وتنتهي عند مكان آمن على حامل الزهور. عند الظهيرة، يحتشد  ظلام الجنوب، والظلال الغضّة المتكسرة، والحدود الحادّة لأي ظلّ في الصيف، تحتشد جميعها في حلمي وتملؤه بالرتابة والألوان المنطفئة: بسماء زرقاء شفافة، وخضرة داكنة، وشمس واهنة مثل فراش من ريش أو غيوم كثيفة. صيف قصير وشعور ناقص بالكمال. أرتدي بلوزتي مجدداً: أغادر المكان، وأبقى.

المربّية- قصة قصيرة للكاتبة الفنلندية مينا كانت

صورة
نشرت قصة المربّية أول مرة سنة 1887 في مجلة (الوسط الفنلندي), وتُعتبر واحدة من القصص الكلاسيكية الفنلنديّة. -إيمي, استيقظي, ألا تسمعين الجرس؟ السيّدة تريدك. يا إلهي, لا شيء يوقضها! إيمي.. إيمي! على الأقل نجحت سيليا بزحزحة إيمي التي نهضت وغمغمت بشيء ما وفركت عينيها, كانت لا تزال نعسة للغاية. -كم الساعة؟ -توشكُ أن تكون الخامسة فجراً. الخامسة! استغرق نومها ثلاثُ ساعات. كانت الساعة الواحدة والنصف مساءاً حين أنتهت من غسل الصحون، وكالعادة كان هناك ضيوف ذلك المساء, وليومين متتاليين كان عليها السهر لرعاية الطفلة, فالسيّدة خرجت لحضور عرس والطفلة ليلي لم تقبل ببضع قطع الحلوى كترضية. فهل كان غريباً أن تنام إيمي كلّ هذا الوقت؟ كانت في عمر الثالثة عشر, تُعاني من الآم حادّة في ساقها كلّ صباح لدرجة لا تقوَ فيها على النهوض. تخبرها سيليا, التي تتشارك معها السرير, أن هذه الآلام ناتجة عن عملية النمو وأنها يجب أن توخز ساقيها لتنزفا, لكن إيمي تخشى ألم هذه العمليّة. كانت ساقيها نحيلتين بما يكفي دون نزيف ولم تكونا تؤلمانها أثناء النوم, لكن في اللحظة التي تصحو فيها تعاود ألمها, ولو أنها تخطط للعودة للنوم

أربع قصائد للشاعر الفنلندي بو كاربيلان

صورة
-1- لو تمنحني الزمن لن أزنه في يدي: ذلك أنه خفيف وجليّ وثقيل مثل الظلام الذي يتوهج على بوابة فناء الذاكرة. -2- أنتَ، يا من تداوي الأسى والبهجة، امنح هذا الخليج الساكن شواطئً فارغة. -3- هناك في الأراضي المجاورة لا شيء سوى الكبرياء. لم يقل أحد أيّ شيء. وذاك المسافر الوحيد يحدّق في البعيد. -4- أين تركتني؟ أين خبأتني؟ قبيل رحيلك الأخير في بدايات الربيع. أما أنا فغادرتك لأنك لم تكن حاضراً في أيام الفصول المتقلّبة. كنت هناك فقط عندما كان اليوم في عزّ صفاءه.