المشاركات

عرض المشاركات من 2016

إنتظريني- بابلو نيرودا

صورة
أيتها الشمس, أعيديني لقدري الجنونيّ ويا ندى الغابات أعيدي إليّ, عطر السيوف الفوّاحة التي تنزل علينا من السماء. أعيدي إليّ, الطمأنينة المكوّرة في الصخور, الندى المترامي على ضفاف النهر, رائحة أشجار الصنوبر, والرياح التي تعصف مثل قلب ينبض في حشد من الصنوبريات الخائفة, أيتها الأرض, أعيدي إليّ هداياكِ المُكلّلة بالنقاء, أعيدي إليّ: أبراج الصمت العالية التي أزهرت إحتفاءاً بجذورها, أريد أن أستعيد ذاتي, وأكون.. ما لم أستطع أن أكونه, وأن أتعلم, كيف أعود من أقصى الأعماق, من حيث كنتُ في حضن الطبيعة, وحينها, قد أنجو.. أو ربما لا هذا لا يهمّني, لا يهمني إن تحوّلت لصخرة, لصخرة داكنة, لصخرة نقيّة, يجرفها النهرُ بعيداً .

شظايا تحاول إخضاع الصمت- اليخاندرا بيزارنك

صورة
1 ما اللغة سوى سيدات وحيدات يغنين بعزلة بصوتي الذي اسمعه من بعيد. وفي مكان أبعد, عند الرمل الأسود, ترقد فتاة مع موسيقى الأجداد. أين الموت؟ أردتُ نوراً واضحاً في هذا الظلام, أردتُ أن تموت الأغصان في الذاكرة, أن تتمدد الفتاة على الرمل الأسود وتعشعشُ فيّي بقناع الذئب الذي ترتديه, القناع الذي لم تعد تحتمله, الذي طالما تسوّل اللهب, فتوهجنا سوية. 2 حين انجلى بلاط السقف عن بيت اللغة, وكفتّ الكلمات عن البقاء بعد أن الفظها, كانت النساء اللاتي يرتدين الأحمر قد فقدن أنفسهن بالأقنعة. اللاتي ,رغم كل شيء, سيتنفسن مجدداً بين الورود. الموت ليس مكتوماً, إني أكاد أسمع أغنية النائحين تُصلح شقوق الصمت. إني أنصت, وصوت بكاءك الجميل يعيد الحياة لصمتي الرمادي.  3 الموت قد أعاد للصمت سحره البديع. وأنا لن أقول قصيدتي, بل سأقولها, حتى لو أن قصديتي هذه (الآن, وهنا) لا تحمل أي مشاعر, ولا أي مستقبل.

مقطع من قصة المربّية, للكاتبة الفنلندية مينا كانث

صورة
طرحت أفكارها جانباً للحظة,  ونظرت للسماء الرماديّة المزرقّة, كانت شموع الجنة تبرق وتتوهجّ. تساءلت: كم هي سعيدة الأرواح في الأعلى مع النجوم؟ والأحياء الآن, من منهم يرغب بالانضمام لهذه الأرواح؟  هل ستكون هناك أي مربّيات؟  سألت نفسها بتردّد. لكن بالتأكيد النبلاء سيكونون هناك, جميعهم. هذا أكيد, ما داموا هم الأفضل هنا ايضاً. ثمّ تساءلت عمّن يضيء هذه الشموع  كلّ مساء: الملائكة أم البشر العاديّين؟ أم أن جميع البشر يتحولون بدورهم إلى ملائكة حالما يصعدون إلى السماء؟ وماذا عن الذين يموتون صغاراً؟ من يربيهم ويعتني بهم؟ لكن ربما هم لا يعودوا بحاجة لأي رعاية طالما وصلوا إلى الجنّة. فتحت سيليا الباب وسحبتها للداخل. -لماذا تجلسين في الخارج بحق الجحيم, وبهذا الطقس البارد؟ تعرّت إيمي واستدارت إلى سيليا متسائلة: لماذا نحن الخادمات ملعونات لهذه الدرجة؟ -ألا تعرفين؟ -لا -سأخبرك, هذا لأننا نبقى يقظات لوقت طويل جداً, لدينا الكثير من الوقت لارتكاب الخطايا, ضعف ما يرتكبه الآخرون. اسمعي, النبلاء مثلاً ينامون صباحاً, حتى الساعة التاسعة أو العاشرة, وهكذا لن يتبقى لهم الكثير من الوقت ليرتكبوا أفعالاً

ثلاثُ قصائد من فنلندا

صورة
1921-1995 Eeva-Liisa Manner سأريك الطريق الذي قطعته، حتى إذا عدت إذا عدتَ يوماً ما فإبحث عنّي. أترى كيف تتغير الأشياء خلال لحظات صغيرة تغدو أقلّ ضجّة وأكثر اعتياديّة, مثل رسمة لطفل، أو أوجه الحياة البدائيّة، أو أبجديّة الروح. سوف تعود لمنطقة دافئة طريّة وضبابيّة، لكني لن أكون ذاتي حينها، سأكون الغابة. Bo Carpelan  1926- 2011 هناك, على طرف الحائط الاسمنتي هناك, على طول طريق الإسفلت في السماء المضيئة ،حيث تزهر رائحة فيلم محترق ،انحنيت للإمام :وضممتُ يدي ،فهربت دعسوقة تسلّلت بعيداً مثل لوحة فوضويّة من السعادة .تحومُ بين الظلال ونور الشمس مددتُ يدي ببطء وكأني أرقص, فلامَستْ أطراف أصابعي، وقفَتْ عليها ثُمّ طارت فجأة, فرأيت، مثل ومضة، كل هذا الجمال الشاسع للكون. Edith Södergran  1892- 1923 تشرق الشمس الحمراء .دون أيّ نيّة .تشرق علينا كلّنا بذات النور ونحن نلعب كالأطفال .تحت هذه الشمس يوماً ما، سوف يتبعثر رمادنا، ليس مهماً، فالشمس تتوغل إلى أعماق قلوبنا الآن، وتملؤها بالنسيان؛ نسيان حادّ، مثل غابة، مثل شتاءٍ أو بحر.

من تأملات كافكا- نزهة في الجبل

صورة
لا أعرف. بكيت بصوت غير مسموع. إني لا أعرف حقاً . إن لم يأتي أحد, فلا يأتي. لم أؤذِ أحداً في حياتي ولم يؤذني بالمقابل. رغم ذلك, لا يرغب أحد بمساعدتي. لا أحد تلو لا أحد. لكن هذا ليس كل شيء. بالحقيقة لم يأتي لمساعدتي سوى اللا أحد.  إني أرغب كثيراً _ولمَ لا؟_ أن أذهب في نزهة مع حشد من ال ‘لا أحد‘ إلى الجبل, فلا مكان أنسب.  الطريقة التي سيتجمع بها هؤلاء اللا أحد; أيديهم المتشابكة والمتعانقة; أقدامهم الكثيرة والمفصولة بخطوات دقيقة جداً وبذلاتهم الرسميّة. نمشي غير عابئين بالعالم, وستمر الريح بإندفاع في أطرافنا وبين الفجوات التي تفصل أحدنا عن الآخر. وستكون حناجرنا حرّة بشكل مطلق في الجبل! إنها لمعجزة أننا لا ننفجر بالغناء!

الأسباب - لويس بورخيس

صورة
غروب الشمس وتعاقب العصور, الأيام التي لم يكن فيها أحد, الماء النقي في حنجرة آدم, إنها جنة حقيقية. العين المفتوحة في الظلام, عادة الذئاب عند الفجر, الكلمة ذات الست أوزان, المرآة, برج بابل والكبرياء, القمر الذي حدّق فيه الكلدان, حبات رمل نهر الغانج اللامعدودة, جوانغ زو, والفراشة التي حلم بها, التفاحات الذهبية في الجزر, خطوات التجول في المتاهة, التموّج الأبديّ لثوب بينولوبي, لحظات الدوران عند الرواقيّين, قطعة معدنية في فم رجل ميّت, ثقل السيف في الميزان. كل قطرة في ساعة مائية, النسور والأيام التي لا تُنسى وفيالق الرومان, وجه القيصر في صباح معركة فرسالوس, ظلال الصلبان على الأرض, لعبة الشطرنج, وعلم الجبر الفارسيّ, آثار أقدام لهجرة طويلة, الممالك التي تغزو بسيوفها, البوصلة العنيدة, والبحر المفتوح, الساعة التي تردد صداها في الذاكرة, الملك الذي أُعدم بالفأس, الغبار الذي لا يُحصى والذي كان بالأساس جيشاً. صوت البلبل في الدنمارك، أحرف الخطّاط المتقنة, وجه المنتحر في المرآة, بطاقة المقامر الطامع بالذهب, شكل الغيمة في الصحراء. كلّ قطعة آرابسك في المشكال, ك

التوهّج- روبن مايرز

صورة
إننا نحفر الأرض بعمق يا نينا, إننا نمزقها لا نحاول إصلاح أي شيء. إننا نترنح في دوائر وننشد النور حيث لا وجود لأيّ نور. إننا نصوّب أسلحتنا لوجوه الناس الذين لا ننوي قتلهم وأحياناً نقتلهم. إننا نرمي رجالنا في جحيم الارتباط فيرموا بعضهم تباعاً حدّ التدمّي والانتفاخ. إننا نحرق السرطانات الحيّة، إننا نجلد الزناة ونحن زناة. إننا نسلخ الغزلان، ونغتصب القرابين من الأطفال. إننا نُهاجم المارة فيموتون على الفور, ونموت نحن على الفور. إننا نتلف أحداقنا بالليزر، ونحرق بساتين الجيران، ونشرّح أفخاذنا بالمشارط. إننا ندير ظهورنا للفتيات الباكيات كلّ يوم في أول شهر دراسي للصف الأول, لذلك سيتعلمنّ كيف يغادرننا. إننا نلد يا نينا، نلد دائماً دون إنقطاع. إننا نتلفُ حتى بشرتنا الميّتة ونفجّر الجبال كليّاً وننسى كلّ شيء, حتى الكلام تقريباً, ونقرر للآخرين حق العيش في بناية فاخرة, ونبني متاحف على أنقاض المجازر, ونخطو تجاه الغاية عابرين مستنشقي الغراء الذين يملأون الشارع. إننا نشمّ الغراء, ونثمل حتى نقول أشياء لا نقصدها. إننا نحشو أنابيباً في قصبات جدتي، ونح

إنك تلعبين كلّ يوم- بابلو نيرودا

صورة
إنك تتلاعبين بأنوار الكون كل يوم أيتها الزائرة الخفية، يا من جئتِ صحبة المياه والزهور. أنت أهم عندي من مجرد رأس أبيض أعتصره بقوة بين يدي مثل أي باقة ورد, أنت ما عدت تشبهين أحداً.. منذ أحببتك فدعيني أنثرك بين الأكاليل الصفراء وأخبريني؛ من أودع أسمك في رسالة دخانية لتتناثر بين نجوم الجنوب؟ أرجوكِ, دعيني أتذكرك من قبل أن توجدي, الريح تعوّي وتقرع نافذتي المغلقة بشكل مفاجئ, والسماء مثل شبكة مليئة بالأسماك المظلّلة التي ستطلقها الريح عاجلاً أم آجلاً وسينزع المطر عنها.. ثيابها أنت هنا.. آه.. لا ترحلي حدّثيني حتى الدمعة الأخيرة والتفي حولي بقدر ما يملأني الخوف حتى لو أن في عينيك يوماً قد سرح ظلٌّ ما, كلماتي الآن تمطر عليك, تمسدك, وما دمتُ أؤمن بأن الكون ملكك فسأجلب لك زهورا طيبة من أعلى الجبال, وتوتاً, وضبابا أسوداً, وسلالاً صدئة من القبلات, أريد فقط، أن أهديك شيئاً كالذي يهديه الربيع لشجرة الكرز. Pablo Neruda

اللامُنتهي- سويلا فورس

تتكلّم الأرقام ويهمسُ لي ليلُها. في تلاشي الكلمات يظهرُ الطريق الأدقّ للحقيقة, حيث لا وجود لنقطة نهاية لا أحاجي واستعارات, ولا أفكار مُبطّنة, فالأرقام, هي المسار الوحيد الذي يقودنا للأبديّة, هي المالك_اللامؤنث واللامذكّر_ للوقت, هي مُسافرٌ في الفضاء يمشي بسرعة صفة لغويّة ميّتة! ثُمّ أن الجنة تولدُ بعد فعل الصمت, أي تحديداً, بعد أن نُطهّر ألسنتنا ! Zoila Forss

التعليم- تشارلز بوكوفسكي

صورة
على ذلك المقعد الصغير المتسخ, تولّد عندي إلتباس بين كلمتي "الأغنية" و "الأشارة" لم أدرك لماذا لكن "الأغنية والإشارة" كانتا تزعجاني تعلّم الآخرون أشياء جديدة ومضوا في حياتهم, وأنا جلست هناك أفكر: "الأغنية" و "الإشارة" كان هناك شيئاً لم أفهمه بعد ولّد عندي ألم حادّ في بطني, كان لمعلمتي وجه عبوس, مغطى بمساحيق التجميل يبحث عن نقطة ما, طلبت من أمي الحظور بعد الضهيرة جلست معهم في الغرفة وكانوا يثرثرون, "إنه لا يتعلم أي شيء"! قالت المعلمة لأمّي "أرجوك أعطهِ فرصة" يا سيّدة سيمس! "إنه لا يحاول حتّى"! يا سيّدة تشيناسكي بكت أمّي, جلست المعلّمة وحدّقت فيها لبضعة دقائق, ثم قالت: "حسناً.. حسناً, لنرى ما يمكننا فعله" ثمّ مشيت مع أمّي, مشينا أمام المدرسة كان هناك عشب كثير فانعطفنا إلى الرصيف, "يا هنري" قالت, "أبوك مُحبط بسببك" أبي, ردّدت في ذهني, أبي.. أبي.. وأبي, هكذا إنسابت الكلمات, قررت فجأة, ألا أتعلم شيئاً في تلك المد

أغنية (شكراً للحياة) من فولكلور أمريكا اللاتينية

شكرأ للحياة  لقد أعطتني الكثير أعطتني نجمتين حين فتحتهما وببساطة, تبين عندي الاسود من الابيض وخلال السماء الممتدة وستارتها المرصعة بالنجوم وخلال الزحام كان هناك من أحبّ. شكراً للحياة التي أعطتني الكثير, كانت تسجل كل الاصوات حولي صباحاً ومساءاً, صوت الصراصير والكناري صوت المطارق والطواحين والقرميد والعواصف وصوت محبوبي الرقيق. شكراً للحياة التي أعطتني الكثير, أعطتني الصوت, أعطتني الأبجديّة, التي خلقت وأعطت المعنى لكلمات: أم.. صديق.. أخ والضوء يتلألأ على الطريق الذي يفضي لروح من أحب. شكراً للحياة التي أعطتني الكثير, أعطت خطوات لقدماي المتعبتان قدماي اللتان عبرت بهما مدن برك ووديان وصحاري سهول وجبال عبرت بهما بيتك وشارعك وحديقتك, شكراً للحياة التي أعطتني الكثير, أعطتني هذا القلب الذي يرتجف في مكانه حين أرى ما يصنعه البشر, حين أرى كم هو بعيد الخير ع الشر, أو حين أنظر بعمق إلى عينيك. شكرأ للحياة التي أعطتني الكثير, أعطتني الضحك والدموع اللذان ادرك من خلالهما الحزن والسعادة الشيئان اللذان يغذيان اغنيتي هذه واغنيتك التي هي ايضاً, اغنيت